يعد ارتداء الملابس طقس شخصي لدى كثير من الناس؛ فهو وسيلة للتعبير عن الهوية، والحالة المزاجية، والإبداع. لكن في الآونة الأخيرة، ومع امتلاء خزائننا حتى آخرها، وتقلّب الصيحات علي الانترنت بوتيرة محمومة، بدأت حالة من الملل تخيّم على هذا الطقس الجميل. حين تبدو كل الأشياء متشابه، ويصبح ارتداء الملابس واجبًا لا متعة فيه، فقد يكون "الإرهاق من الموضة" هو السبب الخفي وراء ذلك.

الكثرة المُرهقة
في جوهر هذا الفتور المتزايد مفارقة واضحة: لدينا خيارات غير محدودة من الملابس أكثر، لكن لا شيء يبدو جديدًا. لقد عجّلت وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما تيك توك، بدورة حياة الموضة إلى حد غير مسبوق. تظهر الصيحات المصغّرة على الانترنت وتختفي في غضون أسابيع، فتحل محل الثقافات التي كانت تأخذ وقتها في التشكّل. في السابق، كانت الموضة تستغرق عقدًا لتتبلور. أمّا اليوم، فنرى العديد من الموضات المختلفة عبر هواتفنا باستمرار. في السبعينيات والتسعينيات، وحتى أوائل الألفية، نمت الموضة على مهل عبر الأفلام والمجلات والمسلسلات، واكتسبت عمقًا من خلال الاسلوب الشخصي في ارتدائها. كان هناك إيقاع، وبناء ثقافي متدرج. أمّا اليوم، فالضجيج لا يتوقف.
تكرار بلا أثر
تتضاعف سرعة تغيّر الموضة بفعل قدرة شركات الأزياء السريعة على الاستجابة الفورية، حيث تُنتَج الملابس بالجملة لتتماشى مع ما هو متردد حاليا على الانترنت؛ فتُجرد التصاميم من روحها، وتُطرَح في المتاجر بكميات هائلة، ثم تُنسى سريعًا. وهذا لا يسبب نفايات بيئية فحسب، بل عاطفية أيضًا: خزائن مليئة بقطع لم تعد تُشبهنا، وربما لم تُشبهنا قط.
قيمة وجدانية
إن العلاج الحقيقي لإرهاق الموضة لا يكمن في شراء المزيد، بل في الشراء بشكل أقل وأذكى. الملابس المصنوعة بعناية، والتي تتجاوز دورة الموضة السريعة، تمنحنا راحة وهدوءًا. فهي تحمل طابعًا دائمًا وقيمة وجدانية. تخيّلي سترة مُفصّلة بإتقان، أو قميص قطني نقي، أو فستانًا يُجمل إطلالتك في كل موسم. هذه القطع تُلبس، لا تُعرَض فقط. حين تُبنى الخزانة على أساس التنوّع وليس على الصيحات، تظهر الملامح الحقيقية للأسلوب الشخصي. فالقطع المنتقاة بعناية، وإن كانت قليلة العدد، تخلق رؤية واضحة، وتُبسّط طقس ارتداء الملابس، وتُعيد له البهجة. يشير مصطلح الدوام العاطفي إلى مدى استمرار حبنا وتقديرنا لقطعة ما، ليس فقط لأنها صمدت ماديًا، بل لأنها لا تزال تحمل قيمة وجدانية. لذا فإن التنوّع، وجودة الخامة، والتصميم العابر للمواسم، تجعل من القطعة رفيقًا طويل الأمد، وتمنحها مع الوقت بُعدًا وجدانيا.
العودة إلى المعنى
تحكي الموضة، في أجمل صورها، قصة. ليست قصة ما كان رائجًا هذا الأسبوع، بل قصة من أنتِ، و كيف رغبتِ في التعبير عن نفسك في فترة معينة من حياتك. يخفّض هاوس اوف يمينة من ضجيج العالم الخارجي من خلال تبنّي الجودة، والتنوع، ويستعيد متعة ارتداء الملابس ببساطة. فعندما نرتبط بشيء بصدق، نجد أنفسنا نعود إليه مرارًا وتكرارًا. وهذا هو ما نضعه نصب أعيننا أثناء تصميم قطعنا. نصبّ روحنا في العمل، لصنع ملابس تعيش داخل خزانتك، وتخوض معك حياة طويلة مليئة بالحركة والحيوية.