قليلٌ ما يُخيب أملُنا في الحياةِ أن تضعي يدكِ في جيبِ فستانٍ لتكتشفي أنهُ مُزيف. لعقودٍ من الزمن، تتساءلُ النساءُ سؤالاً بسيطاً مُخادعاً: لماذا لا تحتوي ملابسُنا على جيوبٍ عملية؟ ومع ذلك، تُصرُّ الموضةُ غالباً على منحنا وهمَ العمليةِ دونَ حقيقتها.
تاريخ موجز للجيوب
في القرنين السابع عشر والثامن عشر، كانت النساء يمتلكن جيوبًا مُثبتة بربطات، وهي جيوب منفصلة تُخبأ تحت تنانير واسعة، واسعة بما يكفي لحمل المفاتيح والعملات المعدنية وحتى الرسائل. أما الرجال، فكانت لديهم جيوب مُخيطة في معاطفهم وسراويلهم، منسوجة بدقة في ملابسهم اليومية.
لكن مع تقلص حجم قصات الأزياء في القرن التاسع عشر، اختفت جيوب ربطات العنق النسائية. أصبحت الفساتين أكثر ملاءمةً للجسم، ولم تعد الحقائب الضخمة تُعتبر "أنثوية". ثم ظهرت حقيبة اليد: قطعة إكسسوار لم تعد ذات وظيفة بقدر ما كانت تُعزز المعايير الاجتماعية. احتفظ الرجال بجيوبهم؛ بينما حملت النساء الحقائب.
بحلول القرن العشرين، ترسخت هذه الفكرة. أصبحت بدلات الرجال مزودة بطبقات من الجيوب العميقة والمنظمة - للأقلام والساعات وبطاقات العمل وحتى السيجار. أما أزياء النساء؟ فهن يرتدين درزات مزخرفة، أو جيوبًا وهمية، أو بلا جيوب على الإطلاق. لم يكن الأمر يتعلق بالتصميم فحسب، بل بالتحكم. كانت الجيوب رمزًا للاستقلالية. فإذا استطعت حمل أغراضك الأساسية، فلن تحتاج إلى شخص آخر يحملها لك. ولسنوات عديدة، اعتُبرت هذه الحرية "غير أنثوية".
كتيبةٌ تاريخيةٌ من الإناث والسود في فيلق جيش النساء عام ١٩٤٥. تضمّنت زيّاتهم جيوبًا صدريةً وهميةً ومساحةً محدودةً للحمل. (صورة للجيش الأمريكي/أسوشيتد برس)
مشكلة الجيب الحديثة
ننتقل الآن إلى يومنا هذا، وما زلنا نحتفل كلما ظهر فستان أو معطف بـ"جيوب حقيقية". تُخصص ميمات كاملة لفرحة قول: "شكرًا، لديه جيوب!" عندما يُشيد أحدهم بإطلالتك. لماذا؟ لأنه لا يزال نادرًا بما يكفي ليُشعرك بالنصر.
لا تقتصر المشكلة على الراحة فحسب، بل تتعلق أيضًا بالرسالة التي تحملها الموضة. فغياب الجيوب يوحي بأن ملابس النساء مصممة للمظهر، لا للفائدة. وأن المظهر الجيد يجب أن يكون على حساب العملية. وأن الأناقة والوظيفة متعارضتان.
لكن إليكِ الحقيقة: تستحق النساء ملابس تُناسب اجتهادهن. قد يبدو الجيب تفصيلاً صغيراً، لكنه رمز للاستقلالية والحرية، وامتزاج الجمال بالهدف.
التصميم مع الجمال والغرض
لهذا السبب، لا يقتصر الحديث عن الجيوب على الخياطة فحسب، بل يتعلق بإعادة صياغة قواعد أزياء المرأة. عندما تحتوي قطعة الملابس على جيوب عملية ومرتبة، فإنها تُعبّر عن أهمية أسلوب حياتك، وراحتك، وحريتك.
في دار يامينا ، نتبنى هذه الفلسفة. تحتفي خياطتنا بالأقمشة التراثية كالتويد والقطن، مع مراعاة التفاصيل العملية التي تجعل الملابس عملية ومريحة. نعم، الأناقة تأتي أولاً، ولكن ما معنى الأناقة بدون راحة؟ الجيوب ليست مجرد فكرة ثانوية، بل هي جزء لا يتجزأ من لغة التصميم. إنها دليل على أن البدلة أو السترة يمكن أن تمنحك شعورًا بالقوة وتسمح لك بالعيش بثقة.
في المجمل،
الموضة أكثر من مجرد جماليات، إنها انعكاس للقيم. وفي عام ٢٠٢٥، لن تضطر النساء بعد الآن إلى النضال من أجل شيء بسيط كالجيب. ففي النهاية، الجيوب ليست مجرد حمل للأشياء، بل هي وسيلة لحمل نفسكِ بثقة واستقلالية وراحة.
إذن، إليكم جيوبكم: رموز صغيرة لكنها قوية وهادئة للحرية متداخلة في نسيج حياتنا.